Redeyef future

مرحبا بكم في منتداكم و بيتكم
في منتديات الرديف المستقبل . حيث المتعة و الافادة
في مختلف المواضيع.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Redeyef future

مرحبا بكم في منتداكم و بيتكم
في منتديات الرديف المستقبل . حيث المتعة و الافادة
في مختلف المواضيع.

Redeyef future

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Redeyef future

Redeyef future *** منتديات مستقبل الرديف

بسم الله الرحمن الرحيم يسعد ادارة المنتدى أن ترحب بالجميع . و تدعوكم للتسجيل في منتدانا و المساهمة الفعالة فيه لتعمّ الفائدة و شكرا لكم .
منتديات الرديف المستقبل تدعوكم لاكتشاف عالمنا الخاص و الابحار في مختلف منتدياتنا الثقافية و العلمية و الأدبية و الأجتماعية و الترفيهية و التجارية و الفنية . فمرحبا بكم في بيتكم

2 مشترك

    الشاعرة آمال موسى

    hammadi rahal
    hammadi rahal
    عضو ذهبى


    عدد المساهمات : 327
    نقاط : 516
    تاريخ التسجيل : 14/12/2009
    العمر : 43
    الموقع : redeyef-future.forum-actif.net

    الشاعرة آمال موسى Empty الشاعرة آمال موسى

    مُساهمة  hammadi rahal السبت فبراير 13, 2010 7:01 pm

    الشاعرة آمال موسى Image001

    آمال موسى في مجموعتها "أنثى الماء "

    تشير نحو البعد الذاتي أكثر من بوحها الفلسفي .



    كتب- علي الستراوي- شاعر وكاتب بحريني


    حينما تكون اللغة الشعرية هي نفسها اللغة التي تتكئ عليها الشاعرة الأنثى، تكون هذه اللغة مرتبطة بعلاقات مؤثرة في ذات الشاعرة، التي تعرفها الأنثى أكثر من غيرها، لأن كل المفاتيح التي تحملها هذه الأنثى عبر كتابة النص هي بمثابة مفاتيح ذات اتصال مؤثر وخاص عند الأنثى التي تجرها أدواتها نحو مدلولاتها الحسية والنفسية، المؤثرة فيها كأنثى تتصل مع الآخرين عبر هذا التأثر والإحساس .

    فيشار لها من خلال هذه المفاتيح، على إنها أنثى تحرك الريح وتستعجل المطر، فتكون أول الخصب، وأول بدء فصل الربيع، وأول ذاكرة الحياة.

    وبين ثنايا كل هذا التعاطي، نستدلُ على جهات جديدة عند الأنثى" النص" والتي تعرف كيف تحرك انشغالاتها، وتلتقي بالآخرين في ظل نص جديد يكمل هو النصوص الأخرى ذاكرة " الأنثى "الشاعرة.

    وهذا ما سوف نكتشفه في مجموعة الشاعرة التونسية آمال موسى في مجموعتها " أنثى الماء "


    الذات – صورة صغرى لحدث أكبر


    حينما أشارت الشاعرة آمال موسى في مجموعتها " أنثى الماء" نحو نافذة الذات من خلال التقائها بالماء، عبر عنوان تقدم قصائد الكتاب جاء تحت اسم "في ملكوت الذات"

    هو ذات الملكوت الذي أرتبط بفيض أنثوي، عبر مشاهد توزعت فوق صفحات الكتاب البيضاء لتأسس عبرها الشاعرة لغة نص حداثتي ساخ في الماء ، فاكتشف في العمق سرته الأولى من حكايات الأنثى التي أول ما لامسها من الحياة هو الماء ، وبعدها كان الصراخ.


    ما أشدِّ اكتمالي

    ما أعمق عشقي

    بلوري نفيس

    أثير .

    بثوبي خيول الماء

    ما سرُّ ارتوائي

    حسبي أنَّ الدنيا ستتوجني

    وتلقي ني ..

    إلى وردة النسيان.


    لغة الخطاب في هذا النص" اكتمال" قد تساعدنا في أن نؤكد إن الشاعرة قد استلهمت من واقع طفولتها ما قادها نحو فتح شرفات حلمها بلغة متصلة بتركيبها الأنثوي المتصل بالآخر من جهة القلب.

    فالكلمات التي وظفتها الشاعرة، عامل مساعد ربط بين الشاعرة ولغة الماء التي أشارت نحو الخلق الأول وسرته التي فطر عليها.

    ففي قوله تعالى: فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ, خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ" ( سورة الطارق الآيتا- 85 - 86 ).

    فالشاعرة بتوظيفها للغة الماء قد أشارت في هذا التوظيف نحو ربط المجموعة بالعنوان وبين العلاقات الأخرى التي جمعت بين بهذا الخلق الأول وبين أول الأشياء من الخلق الرباني.

    وبين تلك المسافة التي جاءت بخلق الله لها كونت الشاعرة صيرورتها الأخرى من هذه اللغة حيث التراب شكل آخر استعاد ذاكرتها ليضفي عليها لغتها الأخرى من الخلق الذي ربطه الباري بالماء والطين، وربطته الشاعرة بجدارها الأول والقوي في كل أقفاصها الدنيوية .


    فهي تقول في قصيدة " كاهنة الجنون" :


    كاهنة الجنون أنا

    تركتُ بين الأقفاص قدمي وديعة

    وطرتُ ...

    إلى حيث الفرو الأبيض.


    أنثى الجنون أنا

    البس تعقلي

    أتراجع نحو الأمام

    لأهجم

    على كل جميل .


    العلاقة هنا قد لا ترتبط بالماء كعنصر تكويني أولي للبشرية بقدر ما ارتباطها بالحياة التي شكلت بعد الخلق كعنصر المداهمة والبحث عن معني العيش في هذه الحياة .

    فالأنثى هنا صورة أخرى تقودنا نحو شجرة الله من الخلق، بين عقلين، الأول تقوده الشهوة والآخر تقوده الحكمة..

    كقول الشاعرة من نفس النص " كاهنة الجنون " صفحة 12 من الديوان " أنثى الجنون أنا ، البس تعقلي " أو قولها من نفس النص :

    ذات الجنون أنا

    ولدتُ لأشقى

    إلى الأرض رزقتُ

    حبلى

    لي شروق الشمس

    ضياءُ القمر ..

    هذا الفيض من الحديث عن الذات لم يكن خارجاً من فراغ، إنما الشاعرة أرادت أن تجعل من هذا الخروج محوراً يرتكز عليه الجنون، الذي كان في ظل بوحها مرتكزاً مهماً وفاعلاً في تركيبتها السيكولوجية لحكايتها التي فتحت بها تلك العلاقة الدقيقة المرتبطة بالنفس وخالقها وبين الماء وأول الخلق الإنساني "البشري" وإن في هذه العلاقة التي ربطت تلك الحالات الإنسانية بموقعها المعيشي قد أشار إلى الشاعرة وقادها نحو الجنون، كمفتاح آخر يربطها بالبشر.

    ففي ظل علاقات تكبر أو تصغر بين الشاعرة وذاتها ظلت الشاعرة واقعة بين حوافر مؤلمة وأخرى مفرحة وبين علاقات كونت زهورها وأحلامها وأيضاً خوفها وقلقها وحزنها.

    و مع الماء ظلت الشاعرة تمدُ من خيوطها الحالمة والتي أصبحت تمثل هويتها وتقودها نحو البسيطة في كل الأوقات.

    فهي الأنثى الواردة للحياة، وهي الأنثى المتعبة من الحياة، وهي الأنثى المسالمة، وهي الأنثى المطالبة برجوع أنوثتها ، في عالم اكتظت في دهاليزه كل الأشياء، وكل القوانين أصبحت لعبة في يد من يتسيد عليها أو بيد أنثى خارجة عن صف السرب أو أنثى مشاكسة لا ترى من الحياة سوى أصبغ الشفاه .

    تلك الأنثى تشير إليها الشاعرة على أنها لم تكن على شاكلتها، بل هي خلق آخر بين لهيب حارق وضوء مغيب كلاهما في سيكولوجيتها لعبا في تشكيل أنوثتها المسالمة .

    ومن نص" لاشيء ينافس جمالكن غير حزني " صفحة 32 تشير الشاعرة نحو تلك العلاقة الأنثوية ...

    كلكن أجمل مني

    متوهجات في العتمة

    عرائس

    في بستان البنفسج

    كلكن طمأنينة للقلق

    وأنا

    في شرفة النساء أُغني :

    لاشيء جمالكن ..

    غير حزني .



    هذه المقاربات التي جعلت منها الشاعرة وجه للمقارنة الأنثوية هي نفسها المقاربات التي تصر عليها الشاعرة والتي تقع بين نبض قلبها وبين دموع عينيها.

    فالجمال تراه غاية الضعيف، والكمال تراه غاية الكبير القوي في حمل معنى الجمال..

    وكل هذه المقاربات تراها الشاعرة لعبة الإنسان وواقعه الذي ينمو به، ويستظل جداره .

    مذكرة كل من يراها أو يحيط بها على إنها أنثى :


    أنثى في أنثى أنا

    أدارتني أمي كوكباً

    حافيةً

    أتوسل الانصراف .


    نجمة أنا

    ملأت الليل فضة

    منحتُ الصبح ذهبي

    نزعتُ الظلام

    وكسوت عُري النهار

    مثلي تتلألأ النجوم

    تنطفئ في نُعاسي .


    وبين ماتراه الشاعرة من إرادة تسكن أنوثتها وبين تشكيلها المائي لغة لم يخل منها التراب كقول الباري : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20) .

    فالشاعرة قد أشارت في أكثر قصائد ديوانها إلى الماء، وإنها من الماء قد جاءت إلى الحياة .

    والباري في محكم كتابه يشير إلى أن خلق الإنسان جاء من ماء وتراب وطين وفي آياته ما يؤكد هذا الخلق :

    (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً)

    وفي آية أخرى :( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) ..

    (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20 ، وهي الآية التي أشرت إليها في مقدمة القراءة وهنا أؤكد عليها على أن الخلق قد جاء في قول الباري وفي محكم هذه الآيات التي أشرت لها .

    وكلها تصب في موضع حكمة الباري، للإنسان، والتكوين بغير هذه العناصر ناقص ومشوه.


    هل وفقت الشاعرة في الجمع بين كل عناصر الخلق ؟


    الشاعرة تشير في مجموعتها إلى الأنثى والماء" وهو عنوان المجموعة الشعرية للشاعرة .

    والماء ظل ملتصقاً بهوية المجموعة في أكثر النصوص ولكن غاب عن الماء العنصران المكملان للخلق وهم التراب والطين.

    ما جعل من فكرة النص مفقودة ، وذات منحنيات التصقت بذات الشاعرة الأنثى ولم تلتصق بالخلق كخلق جاء به الباري من عناصر الخلق مجتمعة .

    والمجموعة ارتكزت على عنصر الماء كشاهد أولي للخلق، ثم نحت الشاعرة نحو ذاتها، ونحو جهات قربتها من الحياة لكنها لم تجعلها فلسفة وغاية ذات معطيات لشواهد ربانية.

    فالشاعرة باكتفائها بالماء دليل على حيوية الشاعرة و من جريان الماء وتشكيله الأولى من الخلق .

    فلو أعطت الشاعرة كل هذه العناصر التي أشار لها الباري في القرآن مكاناً أوسع في نصوصها لكانت الشاعرة أقرب في واقعها من تشكيل الخلق .

    فغفلان الشاعرة عن عنصري الطين والتراب أفقد المجموعة حلقة مهمة في لغة التكوين.

    فالمسافات التي قربتها الشاعرة مسافات ذات منحنيات ربانية ومهمة في التكوين البشري، لأن الخلق بدأ بآدم وبحواء، وكل من هذين العنصرين شكل ماهيته من التكوين.

    وإذا أرادت الشاعرة بحسب ما فهمته من نصوص المجموعة الإشارة نحو الخلق ، فعليها أن تعيد قراءة المجموعة وأن تبحث عن ذلك الخيط المفقود في تسلسل هرم القصيدة .

    وتبقى المجموعة ذات ظل أنثوي، لكنه مفقود العناصر، لأن القصائد جمع خيطها بوح الشاعرة الذاتي أكثر من بوحها الفلسفي .
    hammadi rahal
    hammadi rahal
    عضو ذهبى


    عدد المساهمات : 327
    نقاط : 516
    تاريخ التسجيل : 14/12/2009
    العمر : 43
    الموقع : redeyef-future.forum-actif.net

    الشاعرة آمال موسى Empty رد: الشاعرة آمال موسى

    مُساهمة  hammadi rahal السبت فبراير 13, 2010 7:05 pm

    الشاعرة آمال موسى Umal_mossa


    غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلاخْتِزَالِ

    أمال موسى
    (تونس)

    أُحِيطُ بخَصْرِي
    لِأَحِيكَ ثَوْبًا يَتَّسِعُ سَاعَةَ غَضَبِي
    يَنْكَمِشُ حِينَ أَهْدَأْ.
    حَدَّثْتُ النَّارَ الـمُتَوقِّدَةَ فِيَّ :
    أيُّ رَجُلٍ يَحْتَمِلُنِي
    أيُّ امْرَأةٍ تَسْتَأْنِسُ بِرِفْقَتِي
    أيُّ طِفْلٍ لاَ تَقْتُلُهُ دَهْشَتِي
    أيُّ أبٍ يُنْجِبُ شَبِيهَتِي
    أيُّ اسْمٍ يَسَعُ مَلْمَحِي
    أيُّ فِعْلٍ يدّعِي اخْتِزَالِي

    يَا أَيَّتُهَا النَّارُ
    مَا الذِي يُطْفِئُكِ ؟
    قَطْرَةُ مِنِّي
    أَمْ شُعْلَةُ فِيَّ.

    صُوَرٌ بِلاَ إضَاءَةَ

    اِلتَقِطْ لي صُورةً فَاتِنَةً
    يَشِعُّ مِنْهَا بَرِيقُ حُزْنِي.

    صُورَةً،
    تتوقَّفُ فيها الابْتِسَامةُ
    فِي زَاوِيَةِ البوْحِ.

    اِلْتَقِطْ لي صُورَةً
    وأنا أغْتَسِلُ خَلْفَ مِرْآتِي.

    صُورَةً،
    سَاعَةَ ألْتفُّ حَوْلِي وأصِيرُ شَالِي.
    صُورَةً
    حِينَ أُقَبِّلُ يَدَيَّ
    لأَصْفحَ عَنِّي.

    اِلتَقِطْ لي صُورَةً
    وأَنا أُمَزِّقُ هذه الصُّوَرْ.

    لاَ شَيْءَ يُنافِسُ جَمَالكُنَّ
    غَيْرُ حُزْنِي

    كُلُّكُنَّ أجْمَلُ مِنِّي
    مُتَوَهّجَاتٌ في العَتَمةِ
    عَرَائِسُ
    في بُسْتَانِ البَنَفْسَجِ
    كُلُّكُنّ طُمَأْنِينَةٌََ لِلْقَلَقِ
    وَأَنَا
    فِي شُرْفَةِ النِّسَاءِ أُغَنِّي :
    لاَ شَيْءَ يُنَافِسُ جمالَكُنَّ
    غَيْرُ حُزْنِي.

    مَالُوفٌ

    بَيْنَ الرُّفُوفِ،
    مُعَلَّقَاتُ القَصَائِدِ.

    فَوْقَ الطَّاوِلَةِ المَكْسُورَةِ
    شرائِطَ مَالُوفٍ وقُدُودٍ حَلَبِيَّةٍ.

    فِي المَطْبَخِ البَارِدِ
    قدْرٌ كَثِيرٌ من بُنٍّ يَمَنيٍّ.

    هَذَا مَا أَحْتَاجُهُ
    كَيْ
    أشْقَى
    وأعْشَقَ.

    قَصِيدَةٌ عَمُودِيَّةٌ

    فِي البَيْتِ القَدِيمِ
    حَيْثُ نَظَمَ جَدِّي قصيدةً عَموديّةً
    أَعِيشُ جَارِيةً فِي مَمْلَكَتِي
    ثَوْبِي مُبلّلٌ
    وَعَلَى التَّاجِ وَضَعْتُ رَأسِي !

    فِي البَيْتِ القَدِيمِ
    أَينَ تَتكئُ الجَرَّةُ
    يَنْسَابُ الماءُ مَمْزُوجًا بالتَّسَابِيحِ

    فِي البَيْتِ القَدِيمِ
    أَنى دَوَّتْ صَرْخَتِي الأُولَى
    أُسَوّي تُربةَ السُّلاَلَةِ
    لِنَنَامَ
    أرْوَاحًا تُتَاخِمُ أَرْوَاحًا
    في البَيْتِ القَدِيمِ
    أيْنَ تَربَّعَتْ جَدّتي عَرُوسًا
    أبْحَثُ عن شَالِها لتقبِّلَهُ الكَتِفَانِ
    فِي البَيْتِ القَدِيمِ
    أعْبُرُ اللّيالِيَ العَتِيقةَ
    حَامِلةٌ طَعَامِيَ لِلدَّراوِيشِ

    فِي البَيْتِ القَدِيمِ
    أُوزّعُ جَمْرتِي مَهْرًا
    لعُشَّاقٍ يَغْتَسِلُون بالمَطَرِ

    فِي البَيْتِ القَدِيمِ
    يَلْبَسُنا الحُبُّ جُبّةً
    فيكْبُرُ صَحْنُ الدّارِ
    مَرَّتيْن

    مَلِكُ الأعَالِي

    لِي طُوفَانُ شَوْقٍ
    لِرُؤْيَةِ حبيبي
    مَلِكِ الأَعَالِي.
    لكنِِّي أخَافُ
    ضَيَاعَ حبَّاتِ الطِّينِ
    وفِرَاقَ قَطَراتِ الماءِ
    أخَافُ
    رُؤْيَتِي
    على سَفَرٍ قريبِ.

    أُنثَى المَاءِ

    لِمَ يَأتِينَا المَاءُ
    يَجْرِي مُتلظّيًا مِن شِدَّةِ العَطَشِ.

    لِمَ المَاءُ
    يَقْتَفِي خُطُوَاتِي
    ويَنْسَى مَجْرَى السَّوَاقِيَ
    مَسْقَطَ المَطَرِ.

    لِمَ لا أُدْلِي بِوَجْهِي
    فِي أطْرَافِ المَاءِ
    لأَعْرفَ
    كَيْفَ أَخْفَى عَنَّا لَوْنَهُ
    وَمَتَى أفْقَدْنَاهُ عِطْرَهُ.

    لِمَ لاَ أُصْبحُ سِرَّ المَاءِ ؟
    لِمَ لاَ أكُونُ أُنْثَاهُ
    أنتَظِرُهُ فِي الجَرَّةِ
    حَتَّى قُدومِ الصَّيْفِ.

    مَنْ أَزاح التُّراب عَنْ شَارِبيك؟

    مَنْ أزاح التُّراب عن شاربيك
    وأَعَاد لِكَأسِك عُقول البَائِسين.
    مَنْ أَطْفَأ مَوْقِدا
    كان سَاهِرًا فوق الجَبِينِ.

    مَنْ لَفَّ جَنَاحَيك بِتلْك الرَّعَشات
    أفْرَغَ الماسَ مِنْ شَجَاعتِه
    صَبَّ في الياقُوت كلّ هذا الخَجَل.

    مَنْ أَدار خَصْرَ المعَاني
    وصَاغَ الهَرمَ بِالرِّمَالِ.
    عَارِيًا،
    طَارَ في الماء
    وفي العُشْبِ ألقَى بالعَصَا.
    مَنْ عَلَّقَ سَرِيرك في الفَضَاء
    أسْقَطَهُ في "دير القمر"
    والحبيبةُ في الدَانْتال مـُفَـ تـَّ تـ َة.

    مَنْ اِسْتبَاح القَصيدة
    حَلَّ ضَـ فـَ ائـِ رَها
    مَـ زَّقَ ثَوْبها
    رَشَّّ بَيَاضَها بِسَوْرات الحُبّ.

    مَنْ أخْفَى الحِكْمة في جَرِّةِ النَّبيذ
    قَطَفَ زَهْرةَ النَفِل في الصَّباح
    فَأغْضَب وَرَقَاتِها الأَرْبع.
    مَنْ عَزل بين القُطْن والصُّوف والحَرِِير
    فِي أَشْرِعَةِ السُّفُنِ القَدِيمة.
    وَرَمَى في البِحَار صَناديقَ العاجِ.
    مَنْ نَهرَ قطّةً،
    كَانتْ تَضُمُّ إلى فَرْوِها أَطْفَالك
    تَمْنَحَهُمْ السَعَادة والذَّهب.

    كُنْتُ أَرَى الطِّفْل فِيك
    حَافِيًا في رَوْضَة
    واليوم الطِّفْلُ يَسْأَلُ،
    عَنْ عُكَّازِه في أيّ زَاوِيةٍ مِنْ العُمر.

    يا طفل أبي،
    مَنْ أَحْرق في كَفَّيْك الكِتَاب
    سَرَقَ منك المِطرَقة واللَّحْية تَرْتَجِف.
    مَنْ عَلَّمك التَواضُع
    فعِشْتَ قبل الأوان بين الحُفر.

    يَا أَبتي،
    كَيفَ صَدَّقت بياض قَرْن الجَامُوس
    وأنْ عَظْم الجَمَل أسْود
    وَأنَّه رُبَّمَا سَتُنْجبُ لك الحَبيبةُ بَعدي طِفْلة.
    كَيف اسْتطعْتَ الجُلُوس أَلفَ عَامٍ عند رَأسي
    تَتَيمَّمُ بِتَاجه
    تُرَتَّبُ حَاجِبي
    وَتَحْرِسُ لَيلا غَاسِقًا غشَّى شَعْرِي.
    تُسَلّمُ وَجْهِي فَضِيحَته
    وَأقْدَاحًا تتمايلُ في لَيْلِها.
    تُعلِّمُني الكِتَابة بِالغياب
    والسَّيْرِ خُطْوة وَاحِدة
    مِنْ قِمَّة جَبَل
    إلى صدرك.

    يَا أَبَتي،
    دَعْنَا في غَدائر الكَاهِنة نَغْتَسلْ
    نَحْتَرِقْ وفاءً
    نَأْخُذِ القَرارَ في حَالَةِ سُكْرِ!

    أصدقاء الفلاسفة

    سَأقِيمُ في طُفولَتِي
    في جَسَدٍ لا يَسْأَل
    مع عَقْلٍ لا يَرْتكِبُ إِجَابة
    في ريش الحمامِ
    في لُغةٍ صيفية
    سَأُقيمُ في اللّفظِ.

    وَبعْد الرَّحِيل أَكْتُبُ هَذِه الوَصِيَّة :
    وَحْدهَا اللُّعبُ وَرِيثةُ الطفولة
    وشكاوى الجيران من أطفال الجيران دَفَاتِرُنَا
    وَحْدهَا الطُّفُولة تُصَافِح مَا وراءَ الأشياء.

    صَغِيرَةٌ وَاقِفةٌ على الأطْلاَلِ

    عِنْدَمَا كنتُ صَغِيرَة،
    كُنتُ، أُوَزِّعُ فَاكِهَةً على ضُيُوفٍ يَأْتُونَ في كلّ يَوْمٍ
    وَأَمْلَأُ فِنْجَانَ عَمِّي بِقَطرَاتِ الزَّهْرِ
    وَأُقشِّرُ الجَوْزَ.

    أَقِفُ أَمامَ مِرْآتِي
    وَأتَخّيلُنِي سَيِّدَة.
    أَخْلَعُ عن شَعْرِي رَبْطَتهُ الوَرْديَّة
    وَأَعْبَثُ في غِيَابِ أُمِّي بِفَسَاتِينِهَا السَّاهِرَة.

    عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة،
    أُنادِي جَمِيعَ الرِّجَالِ أَعْمَامِي
    وَالنِّسَاءَ خَالاتِي
    وَكانَتْ تُذِيبُنِي شَمْسُ الحَياءِ
    كُلَّمَا دَاعَبَتْ رِيحٌ فُسْتَانِي.

    عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة،
    كَانُوا في كلّ يَوْمٍ يُذِيعُونَ ضَيَاعِي
    ثُمَّ يَجِدُونَنِي
    في الشُّرْفَةِ أُعَانِقُ وِسَادَتِي.

    عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة،
    كانَ جَمِيعُ التَّلاَميذِ أَسَاتِذَة
    وَأنا أَخْدِشُ وَرَقَتِي
    يَمُرُّ مُعَلِّمِي وَيقُولُ :
    "مَا سُؤَالَكَ يَا ابْنَةَ سُقْرَاط؟"

    عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة،
    كُنتُ أَعْتَقِدُ أَننَا كَيْ نُنْجِبَ أَطْفَالاً
    عَلَيْنَا أن نَشْرَبَ جِرَارًا من الحَلِيبِ
    وَظَنَنْتُ،
    أَنِّي الأُخْتُ الصُّغْرَى لِأُمِّي وَأَبِي.

    كُنتُ، أَخَافُ صَمْتَ الأَحَدِ
    وَفِي الجُمُعَةِ أَسْأَلُ عَمَّا حَلَّ بِمَنْ حَوْلِي.

    عِنْدَمَا كُنتُ صَغِيرَة،
    َوثِقْتُ في الزَّمَنِ كَثِيرًا
    وَانْتَظَرْتُ أَنْ أَظَلَّ كَمَا كُنتُ كَبِيرَة!

    الأَنْبِيَاءُ في الخَاِرجِ يَنْتَظِرُونَ

    نَرْحَلُ من بَعيدٍ
    إلى جَدَّةٍ بَعِيدَةٍ
    أَنْبِيَاء، نُحوِّلَ الكُرةَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا
    كَأنّنَا مَعَاصِم، بها تَطُوفُ الأَسَاورُ
    وُجُوهٌ،
    تَزدادُِ في انْتِشَارِهَا أَطْيَافُ الأَحِبَّةِ.

    نَمْشِي في الخُطْوةِ أَزْوَاجًا
    تَارِكِينَ ثالِثة تَرْضَعُ التُّرَابَ.

    نَدْخُلُ كُوخًا،
    لا يَتَّسِعُ لِلأَنْبِيَاءِ معًا
    فيه جَدَة نَتَرقَّبُ نَوْمَهَا.

    يَا أيُّهَا البَدَنُ المطْمَئِنُ
    فَجِّرْ في الرَّاحَتَيْنِ ماءَ
    لِيشْرُقَ الخَصْر.
    آخِرَ النَّوْمِ سَاعَة
    وقَضِيّ معي سَهْرَة في الأَسْئِلَة.

    تَأخَّرْتِ يا جَدَّتِي
    كُوخُكِ كان بَعِيدَا
    وبين خُطوَاتِي تَصَالحَتْ الدُّرُوبُ.
    سيقني الزَّمَن إليك
    فصار وَجْهَكِ لِقَاتلِي مَأْوَى.

    يا إِلَهَتِي،
    إِنِّي أَمُوتُ في السُّؤالِ مَرَّتَيْنِ
    تَعِبْتُ من الموْتِ
    وما أَرَاحَتْنِي طُمَأْنِينَةَ الأَنبِْيَاءِ.

    فَهلْ أنت مُثْقَلةٌ بِالتِّيهِ
    أَمْ أَنِّي بَعْدُ لم أَفْقَهْ صِيَاغَةَ السُّؤالِ.

    مَا هذا البَرْدُ الَّذِي يَنْهَمِرُ
    إنِّي أَسْمَعُ الرَّعْدَ في الأَطْرَافِ يُقلِّدُ ربَّهُ
    يَتوَعَّدُ عِنَاقَ الماءِ بِكُرَاتِ القُطْنِ.
    يُهَدِّدُنِي بِمَوْتِ أُمِّي.

    جَمِيلَةٌ أَنتِ
    وَمُرْعِبَةٌ
    ولا أُشْبِهُكِ إلاَّ في الرُّعْبِ!

    يَا سَيِّدَتِي،
    لِمَ نَأْتِي مُكْتَفِينَ بِأَعْيُنِنَا
    نَرْحَلُ مُتَسَوِّلينَ الماء من العُيُونِ.
    لِمَ ما هو آتٍ أَعِيشُهُ الآنَ.

    لِمَ الزَّمنُ يَتْرُكُ كلَّ الأَعْدَاءِ
    يُكَسِّرُونَ التَّمَاثِيلَ
    يَمْنَعُونَ النَّجْمَ من أنْ يُبَلِّلَ بِنُورِهِ مَرْيمَ
    يَخْلَعُونَ غُرَفَ حُبِّنَا

    يَقْطَعُونَ أَفْكَارَ من أُحِبُّ
    وَيجْعَلُونَ رَأْسِي قَبْرًا.

    لِمَ أَزْرَارُ الغَيْبِ
    على كلِّ "عَزِيزٍ" عَزِيزَة.
    لِمَ في هذا الكُوخِ
    تَتعَرَّى أَحْوَالِي
    تَتسَاقَطُ الكُتبُ

    هَلْ نَحْنُ يا جَدَّتِي
    وَاحِدٌ أمْ كُثْرُ
    وَمنْ لِلْآخِر يَحْتَاجُ أَكْثَر
    المُلْتَفُّونَ حَوْلَهُ أمْ الَّذِي حَوْلَهُ مُلْتَفُّونَ.
    مَنِ الأَكْثَرُ دَهْشَةً
    الأَنْبِيَاءُ أمْ الشُّعَرَاءُ
    من رَتَّبَ الكَوْنُ
    أمْ من نَصَّبَ الأطْفَالَ خُلَفَاءَ.
    يا جَدَّتِي،
    حَرِّرِينِي من شُرُورِي

    حَرِّرِي
    ذَاتًا مُبَاركَةً!

    يَا أَيَّتُهَا الرَّبةُ "فَاكَا"

    تَكَلَّمِي
    خَبِّرِينِي عن آخِرِ حَفْلٍ للتَّضْحِيَةِ
    عن حَيْرَةِ بَدَّدَتْهَا تَرْنِيمَةُ الخَلْقِ
    إِنَّ "آجني" أَقْسَمَ بِحَرْقِ الكُوخِ
    فَماذَا يا جَدَّتِي أَقُولُ
    وَالأَنْبِيَاءُ في الخَارِجِ يَنْتَظِرُونَ!

    فَرَسُ الماءِ

    أَمْشِي كَغَجَريَِّةٍ إلى حَيْثُ
    يَنْبُتَ الرِّيشُ مُلَوَِّنًّا.
    مُبلَّلا.
    غَجَرِيَّةٌ، تُرَدِّدُ أُغْنِيَّةَ بَحَّارِ
    قَرَّرَ اللَّيْلَةَ أن يَعُودَ لعُصْفُورة الأَمْسِ،
    حَامِلاً بَقِيَّة صَحْوِه،
    وَشِجَارًا مع قَرَاصِنَةِ البَرِّ.

    أَمْشِي إلى مَدِينَتِي،
    وَألْتَقِطُ من صَحْنِ الدَّارِ أسْرَارًا
    تَبُوحُ بها غُرَفٌ طَالمَا عَاشَتْ جَمَاعَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ.

    وَفي صَحْنِ تلك الدَّارِ
    أُعَانِقُ طِفْلَةَ كُنتُ أَشْبِهُهَا
    هي أنَا،
    تَجْلِسُ كما تَشَاءُ
    لا فَرْقَ عِنْدهَا بين رُكْبتيَنِ عَارِيَتَين
    وَرُكْبَتَيهَا العَارِيَتَين!

    تَمُرُّ قِطَّةٌ
    فَأَتذَكَّرُ كَمْ مَرَّةً جَمَعَتْ جَدَّتِي
    قِطَطَ البَيْتِ
    وَرَمَتْهَا.
    وَحِينَ تَعُودُ،
    تَفْتَحُ القِطَطُ لها البَابَ.

    أَمْشِي إلى من وَعَدْتُهُ
    أَنِّي لنْ أُقَبِّلَ جَبِينَهُ مَهْمَا الموْتُ فَعَلَ
    أَعُودُ إِليَّ

    تَحْتِي الأَمَاكِنْ
    وفي اليَدِ سَاعَة وَضَرْبَة لِلْقَدَرِ.

    وَمَعهُ أَرْكَبُ الخَيْلَ
    حتّى أَصِلَ إلى الماءِ،

    أَمْشِي بَدَوِيَّة
    تُحَاكِي العُشْبَ في الوَشْمِ

    وَفَجْأَةً،
    تَمِيلُ قُلَّتهَا
    فَتَرْتَوِي!

    زَوَاجٌ إِلَهِي

    إِنَّ الله يَغْمُرُ المكَانَ
    يَفِيضُ على مَدَى الزَّمَانِ.
    هَكَذَا خَبَّرُونَا،
    صَدِّقْنَا وَلَبَيْنَا الدَّعْوَةَ آمِنِينَ.
    كَبُرْنَا،
    وَطَلعَ شَجَرُ الخُلْدِ قُرْبَ السَّاقِيَة
    يَتَدَلَّى مِنهُ ثَمَرٌ.

    حَانَ مِيقَاتُ القِطَافِ
    وَعَاوَدَنا الحَنِينُ الأوَّل.
    فَقَالُوا لِقَلْبَيْنَا :
    " لاَبدَّ من شَاهِدَيْن
    ونخَّاس يُدَوِّنُ شَهَادةَ الحُبِّ".
    فَقُلْنَا :
    "يا الله
    كَيف نَأْتِي بِالشَّاهِديْنِ
    وأنت
    الشَّاهِدُ على كلّ أَحَدٍ!"

    العَرَّافَةُ

    كُنتُ أعْرِفُ أنَّ الفِرَاقَ خَتمَ اللِّقَاءَات

    وَالقِطَطَ سَتنَامُ على الأَسِرَّةِ بدل الأَطْفَال
    والنِّسَاء العَارِيَات يَلْتَهِمْنَ عَرائِسَ سُكّر
    وَيصْبِحْنَ قُبُورًا لِلرَّغَبَات.

    وما فَاتَنِي،
    أنَّ صَاحِبَ خَاتمِ اليَاقُوتِ
    كان مِثْلِي

    وَأعْرِفُ أنَّ البُيُوتَ
    الَّتي يَسْكُنهَا طَائِرُ الصّفرد مآلها السُّقُوط
    وَالخِيَامُ مهما أَقَامَتْ فَدَرْبُهَا الرَّحِيل.

    وَعَرفْتُ أنَّ اللَّيَالِي أَكْثرُ من القَنَادِيلِ
    والرُّوحُ يُضِيئُهَا رَجُلٌ في الأَرْبَعِين.

    كُنتُ أَعْرِفُ أنَّ السَّاهِرَة تَسْرِقُ في صَحْوِنَا الأَحْلام
    لِتَبِيعَها إِليْنَا يَائِسَة.

    كُنتُ أَعْرِفُ،
    أنَّ ثَوْبَ الموْتِ أَبْيَضُ
    وكذلك ثوب الزّفاف.

    تَشْوِيشٌ

    لِصَالِحِ مَنْ
    أُهْزَمُ في الحُبِّ
    وَيطُولُ بِنَوْمِي أَبَدُ السَّهَرِ.

    لِصَالِح مَنْ
    يَتَفتَّتُ كُلـِّي
    فَأُصْبِحُ بَعْضًا يُصَلِّي
    وَبعْضًا يُشَوِّشُ على من يُصَلِّي.
    لوْ أَنَّ رَبِّي بَعَثَ حَبِيبًا مُعْجِزَته الصَّمْت
    لأَمْطَرْتُ عِبَادَتِي مِنَ الجَبِينِ وَالرُّكْبَتَيـْنِ
    وَلَتفَرَّغْتُ لِحُبِّهِ
    وَترَكْتُ الـحَبِيبَ وَحْدَهُ يَلْتَقِطُ غُرُوبَ الشَّمْسِ.

    وَلوْ أنَّ أَبَا هُريْرَة،
    نَقَلَ بِأَمَانَتِهِ شِعْرَ امْرِئ القَيْس
    لاسْتَحَال غِنَاؤُهُ في غير نَغْمَةِ النَّهَاوَنْد.

    "أَحْمَدُ"

    طِفلٌ،
    لمْ يَحْتَمِلْ أُمَّا وشَاعِرَة.
    في السَّنَوَاتِ الأُولى،
    أَضْرَبَ عن شُرْبِ الحَلِيبِ.
    كان يُلاَمِسُ بَطْنَهَا
    طَالِبًا من الشِّعْرِ المزِيدِ.
    وَراغِبًا في حَمْلٍ يَأْتِي على كلّ الفُصُولِ.

    كَبُرَ.
    فَصارَ شَاعرًا.
    يَكْتُبُ في الحَانَاتِ
    وَيسْأَلُ النَّادِلَ كَأْسًا منَ الحَلِيبِ.

    الرَبُّ يَمْلأُنِي بِذرَّةِ حُبٍّ

    فِِضتُ عَليهِ،
    إِلى حِينِ تَكلّمَتْ خطُوطُ الكفِّ
    ولَبِسْنَا المَاء
    فَأَسْرَى بِي إِلى الحَريرِ.
    أَصْحَرْتُ فيهِ
    صَاعدةً إِلى حَيثُ العَرْشُ أَمَامِي
    طَيْرٌ مِنَ الأَقاصِي،
    عَلى ظَهْرهِ وَشْمُ الشَّهْوَةِ
    وَرَغْبَةُ أُمِّهِ المُتَحَقِّقَة.
    مُلْتَحِفًا بالنُّورِ،
    بِالقَيُّومِ مُخْتَمِرًا
    فارِغَ الفُؤادِ.

    مَدَّ يَدَهُ إِلى بَاطنِي
    وَأوقَدَ بِالماءِ فَحْمِي.
    تَقَلَّبْتُ عَلى جَنَبِِي وبَيْنَنَا برزخٌ
    واحدًا كُُنَّا،
    صَاحِبُ اليَمينِ وَصاحبتُهُ
    خَيْرُ البَريَّةِ وخَيرتُهَا
    كُلُّه يُوجعُ كُلِّي
    كُلِّي يُرَاقِصُ كُلّهُ
    كُلُّهُ يَقولُ لِشتاتِي: " اِقْرأْ".
    كُنْتُ أُحَاوِلُ
    أَنْ أُحِبَّهُ أَكْثَرَ مِنْ حُبَّيْن
    وَأَمْسكَ ذَاتَ العُلَى
    حِينَ تَفَرَّسْتُ فْي جَبِينِهِ الفِضِّيَّ.
    وَلاَ زِلْتُ أَتوَسّلُنِي قبلا
    أََنْ أَرْتَدَّ بنيةَ أو حفنةَ ماءٍ
    كُلّمَا خَبّأتُ أوراقَ التُّوتِ فِي مُقْلتَيْهِ.

    خُيِّلَ إلِيَّ
    أَنِّي أَرَى الزَّمنَ جَالسًا على أَرِيكةٍ قُدَّتْ مِن أََبدٍ
    وَالمَوتَ خَائفًا
    وَالرَبَّ يَمْلأُنِي بِذَرَّةِ حُبِّ.

    كَأَنّهُ حَفيدُ الأعْشَى فِي رَكْبٍ مُرْتَحِلٍ
    حَمَامًا، أَبْصَرْتُهُ
    يَمَامةً أَبْصَرَنِي
    ضَاقَ بِنَا المجازُ
    فَنزِلْنَا إلى " أُمِّ الوَليدِ "
    مُقَدِّسينَ يَسْجُدُ لَنَا النّجْمُ والشَّجَرُ
    لَمْ يَبْقَ سَاعتهَا،
    مِنَ العَادِيَاتِ سِوَى الضَّبْحِ
    ومِنْ المُوريَاتِ غَيْرُ القَدْحِ.
    كَمَا لَوْ أَنَّ
    عَاشِقِي اكْتَمَلْ
    كَمَا لَوْ أَنِّي
    اكْتَفَيْتُ بِزَخَّةِِ مَطَرِ
    شَاهَدْتُنِي فِي ارْتِعَاشِهِ
    عَلَى شِفَاهِ اللُّغَةِ كَرْمًا وَتَمْرًا.
    ثَوْبِي تَحرُسهُ العَنْكَبُوتُ
    أَرْضُ تُحْدِثُ عِشقَها
    صَدْري مُنشرحُ
    والرُّوحُ تَلْهُو بَيْنَ الزُّرْقَةِ والشَّجَرِ.

    لاَ فَـارِس يَليـقُ بِصَلواتِـكِ، غَيـرُ الله

    يَا التِّي
    مَا مَنَعْتُكِ حِينمَا وَدَّعْتِ الماءَ
    وَطِرْتِ إلى صَحْراءِ
    لاَ أَحَدَ فِيها يقُولُ " رُدَّهَا عَليَّ إِنِ اسْتَطَعْت " !
    قُلْتُ سَاعَتهَا :
    رُوحُكِ بِنْتُ قَاعٍ أوْ جِنِّيةُ الأقَاصِي
    تَمْشِينَ على المَاءِ حَتى يَزْدادَ يَقينُكِ
    وَتَعْتَقَدِينَ أَنَّ التُّرابَ لَنْ يَأكلُ وَجْهكَ.

    يَا التِّي،
    أََرَاكِ مُتْعبةً كَعَائدٍ مِنْ بَيْتِ الله
    أَلا تُبْتِ عِنْ المَوتِ عِشقًا
    وَتَخَلَّصْتِ من شَوائِبِ الصِّدْقِ ؟
    أََنْهَكَتْكِ المِحَنُ،
    وَمَزَّقَتْكِ قَطْرَةً قَطرةً هَذِهِ الخَسَارات.

    يَا التِّي،
    يَعُزُّ عَلَيَّ انْحِنَاؤُهَا
    تَسَلّقِي الأعَالِي
    أَكْمِلِي دَوْرةَ الاحْترَاقِ
    وَتَدَاوِي بأَبْيضِ العُشْبِ
    فَقَدْ أَعْدَدْتُ لَكَ
    حَمَّامًا سَاخنًا،
    وَوَجَدْتُ فِي اِنْتظَارِكِ وَاثِقًا
    سَريرُكِ الصَّغيرُ القَديمُ.
    يا التِّي،
    أَصَابَتْ تَأْويلَ المَنامِ
    فَأَدْرَكَتْكِ النُّبُوءَةُ رَضيعةً
    غَدَوْتِ ضَيْفَةً مُهْمَلةً
    تُقَدِّمِينَ أَطْرافَكِ سَفينةً
    وَضَوْءَ عَيِْنَيْكِ، لِقنْديلٍ ابيضَّتْ نَارُهُ.

    يَا التّي،
    تَسَلّلْتِ كََمَا الشَّهْوَة مِنْ أَنَامَلِي
    كُلُّ مَا فِيكِ عَزيزٌ وبَاسقٌ
    دَع قَلْبكِ فَارِغًا
    فَلاَ فَارِس
    يَلِيقُ بِصَلَواتِكِ،
    غَيْرُ الله.

    َكائِنَاتِ فِي مِنْطَقَةِ الدَّاخِلِ

    فِي داخلِ كُلِّ امْرأةٍ، رجلٌ.
    فِي داخلِ كُلِّ رجلٍ، امرأَةٌ.
    فِي كُلِّ لُغةٍ، أُنْثَى وَفَحْلٌ.
    فِي داخلِ كُلِّ عاشقٍ، إلهٌ.
    فِي داخلِ كُلِّ آثمٍ، بريءٌ.
    فِي داخلِ كُلِّ شاعرٍ، نَبيٌّ.
    فِي داخلِ كُلِّ نَبيٌّ، خالقٌ ومخلوقٌ.
    فِي الأَسفلِ، حيوانٌ نائمٌ.
    فِي الأَعلَى، خَليفةٌ مُتربّعُ.

    فَمنْ همْ الذِّينَ.
    فِي الخَارِجِ يتَّحرَّكُونَ ؟

    مـُريـدةٌ تعـَدَّتْ كـُلَّ اللَّـذاتِ

    خَبّأْتُ طُفُولَتِي
    فِي نَظرَاتٍ لهَا بَرِيقُ المَاسِ
    وَشَبابُ المَاءِ الدَّائمِ.
    تَنَاولْتُ مِنِّي،
    زَلاّتِ جَسدٍ حَدِيثٍ الشَّهقَاتِ.
    وَتدفَّقتُ في الأَرْضِ
    امْرَأَة.
    سَأَلْتُ المَوْتَى الكِبَار
    والدَّرَاوِيش
    وَبَائعَ المَاءِ البُورْجْوَازِيّ
    وكُلَّ مَنْ صَادَفَنِي
    وَكانَ رَضِيعًا.

    تَوَسّلْتُ رَأْْسَ عَاشِقِي
    بِعيْنَينِ مُحْترِقَتيْن
    وَصحْتُ :
    أََفِيكَ ألْقَى اللّه ؟
    يَا رَأَس عَاشِقِي
    كُونِِي مَدًّا لاَ يَعْرِفُ الزَّجْرَ
    وَقَصِيدَةً نَائِمةً في صَدْرِ شَاعرٍ بُوهِيمِي.

    كُونِي شَاعرةً قُدّتْ مِنْ أَربعةِ فُصُولٍ
    وَنُطقًا عَصيِّ التَّلَعْثُمِ، كَالمَجَازِ.
    وَكَشْفًا،
    تَسْقُطُ بَعْدهُ الحُجُبَ
    سُهولاً مُترَامِية النُّورِ.
    كُونِي بَرْدًا يُخلّصُني لَسعَ القَلقِ
    وَمُعذِّبتِي حِينَ أَتعدَّى كُلّ اللَّذاتِ،
    وَتُفْشِي السّاقانِ بِالشَّهواتِ الهَارِبة كَمَا الطُّيور.

    لمْ يَبْقَ مِنْ رَغَبَاتِي سِوَى الزّعفران
    وَجَسَدِي صَارَ سَريرًا لأَطْولِ نَوْمٍٍ.

    وَحَتَّى مُكابَرَتِي، مَا عُدْتُ صادقةً فيها.
    أََسْتَحْضِرُهَا مِنْ صُوَرِي القَدِيمة
    وأَتَلَهَّى بِإعْدَادِ قَهْوَة
    سُكَّرُها أَشْقَاهُ البُنُّ
    وَأَوْقَعَهُ فِي عِشْقِ الأَضْدَادْ.
    zoula
    zoula
    عضو مشارك


    عدد المساهمات : 33
    نقاط : 35
    تاريخ التسجيل : 14/01/2010

    الشاعرة آمال موسى Empty رد: الشاعرة آمال موسى

    مُساهمة  zoula الأربعاء فبراير 17, 2010 12:18 pm

    آمال موسى في ديوانها الجديد «يؤنثني مرتين»

    الشاعرة آمال موسى 304599
    «من وقع في غيره

    كمن تهاوى من الثريا في ليل غاسق

    ومن أدرك في عناصره الحلول

    كمثل من قطف النجوم عند قرن الشمس

    وقدّ عرشا بخاتم الملك»


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 10:18 pm